كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أما لو مات بغير تفريطه، أو ضل أو سرق، فليس عليه بدل عنه كما أوضحناه؛ لأنه لم يتعلق الحق بذمته بل بعين الهدي.
والأظهر عندي: إن لزمه بدله بتفريطه أنه يشترى هديا مثله، وينحره بالحرم بدلًا عن الذي فرط فيه، وإن قيل: أنه يلزمه التصدق بقيمته على مساكين الحرم، فله وجه من النظر. والله أعلم.
ولا نص في ذلك ولنكتف بما ذكرنا هنا من أحكام الهدي، وسيأتي إن شاء الله تفصيل ما يجوز الأكل منه، وما لا يجوز من الهدايا.
تنبيه:
قد قدمنا في سورة البقرة: أن القران دل في موضعين، على أن نحر الهدي قبل الحلق، والتقصير يوم النحر، وبينا أنه لو قدم الحلق على النحر لا شيء عليه، وأوضحنا ذلك في الكلام على قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196].
والحاصل: أن الحاج مفردًا كان أو قارنًا أو متمتعًا إن رمى جمرة العقبة ونحر ما معه من الهدي: فعليه الحلق أو التقصير، وقد قدمنا أن التحقيق: أن الحلق نسك وأنه أفضل من التقصير، لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله المحلقين قالوا: يا رسول الله: والمقصرين. قال: رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين؟ فقال: والمقصرين» في الرابعة، أو الثالثة كما تقدم إيضاحه. فدل دعاؤه للمحلقين بالرحمة مرارًا: على أن الحلق نسك لأنه لو لم يكن قربة لله تعالى لما استحق فاعله دعاء النَّبي صلى الله عليه وسلم له بالرحمة، ودل تأخير الدعاء للمقصرين، إلى الثالثة أو الرابعة: أن التقصير مفضول، وأن الحلق أفضل منه، والتقصير مع كونه مفضولًا: يجزئ بدلالة الكتاب، والسنة والإجماع، لأن الله تعالى يقول: {لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَاءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] وقد روى الشيخان، وغيرهما: التقصير عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
فمن ذلك حديث جابر: أنه حج مع النَّبي صلى الله عليه وسلم وقد أهلوا بالحج مفردًا، فقال لهم: «أحلوا من إحرامكم بطواف البيت، وبين الصفا والمروة، وقصروا» وفي الصحيحين، عن ابن عمر قال: «حلق النَّبي صلى الله عليه وسلم وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم»، وقد قدمنا حديث معاوية الثابت في الصحيحين، قال: قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص على المروة وحديث: «رحم الله المحلقين»، ثم قال بعد ذلك: «والمقصرين» إلى غير ذلك من الأحاديث.
وقد أجمع جميع علماء الأمة على أن التقصير مجزئ ولَكِنهم اختلفوا في القدر الذي يكفي في الحلق والتقصير، فقال الشافعي، وأصحابه: يكفي فيهما حلق ثلاث شعرات فصاعدًا، أو تقصيرها، لأن ذلك يصدق عليه أنه حلق أو تقصير، لأن الثلاث جمع.
وقال أبو حنيفة: يكفي حلق ربع الرأس، أو تقصير ربعه بقدر الأنملة.
وقال مالك، وأحمد وأصحابهما: يجب حلق جميع الرأس، أو تقصير جميعه، ولا يلزمه في التقصير تتبع كل شعرة، بل يكفيه أن يأخذ من جميع جوانب الرأس، وبعضهم يقول: يكفيه قدر الأنملة، والمالكية يقولون: يقصره إلى القرب من أصول الشعر.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر الأقوال عندي: أنه يلزم حلق جميع الرأس، أو تقصير جميعه، ولا يلزم تتبع كل شعرة في التقصير، لأن فيه مشقة كبيرة، بل يكفي تقصير جميع جوانب الرأس مجموعة أو مفرقة، وأنه لا يكفي الربع، ولا ثلاث شعرات خلافًا للحنفية والشافعية، لأن الله تعالى يقول: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27] ولم يقل: بعض رؤوسكم {وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أي: رؤوسكم لدلالة ما ذكر قبله عليه، وظاهره حلق الجميع أو تقصيره، ولا يجوز العدول عن ظاهر النص إلا لدليل يجب الرجوع إليه، ولأن النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» فمن حلق الجميع أو قصره ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، ومن اقتصر على ثلاث شعرات أو على ربع الرأس، لم يدع ما يريبه، إذ لا دليل يجب الرجوع إليه، من كتاب، ولا سنة على الاكتفاء بواحد منهما، ولأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما حلق في حجة الوداع، حلق جميع رأسه وأعطى شعر رأسه لأبي طلحة ليفرقه على الناس.
وفعله في الحلق بيان للنصوص الدالة على الحلق كقوله: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} الآية. وقوله: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ} [البقرة: 196].
وقد قدمنا أن فعله صلى الله عليه وسلم: إذا كان بيانًا لنص مجمل يقتضي وجوب حكم: أن ذلك الفعل المبين لذلك النص المجمل واجب. ولا خلاف في ذلك بين من يعتد به من أهل الأصول.
تنبيه آخر:
اعلم: أن محل كون الحلق أفضل من التقصير، إنما هو بالنسبة إلى الرجال خاصة. أما النساء: فليس عليهن حق وإنما عليهن التقصير.
والصواب عندنا: وجوب تقصير المرأة جميع رأسها ويكفيها قدر الأنملة، لأنه يصدق عليه أنه تقصير من غير منافاة لظواهر النصوص، ولأن شعر المرأة من جمالها، وحلقه مثله وتقصيره جدًّا إلى قرب أصول الشعر نقص في جمالها، وقد جاء عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: «أن النساء لا حلق عليهن، وإنما عليهن التقصير».
قال أبو داود في سننه: حدثنا محمد بن الحسن العتكي، ثنا محمد بن بكر، ثنا ابن جريج، قال: بلغني عن صفية بنت شيبة بن عثمان، قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان: أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير».
حدثنا أبو يعقوب البغدادي ثقة، ثنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن عبدالحميد بن جبير بن شيبة عن صفية بنت شيبة، قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على النساء حلق إِنما على النساء التقصير» انتهى منه.
وقال النووي في شرح المهذب: في حديث ابن عباس هذا: رواه أبو داود بإسناد حسن. وقال صاحب نصب الراية في حديث ابن عباس المذكور: قال ابن القطان في كتابه: هذا ضعيف ومنقطع.
أما الأول: فانقطاعه من جهة ابن جريج، قال: بلغني عن صفية، فلم يعلم من حدثه به.
وأما الثاني: فقول أبي داود: حدثنا رجل ثقة، يكنى أبا يعقوب، وهذا غير كاف. وإن قيل: إنه أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم أبي إسرائيل، فذاك رجل تركه الناس لسوء رأيه. وأما ضعفه: فإن أم عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها. انتهى محل الغرض من نصب الراية للزيلعي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: حديث ابن عباس المذكور: في أن على النساء التقصير لا الحلق، أقل درجاته الحسن.
فقول النووي: إنه حديث رواه أبو داود بإسناد حسن أصوب مما نقله الزيلعي عن ابن القطان في كتابه، وسكت عليه من أن الحديث المذكور ضعيف ومنقطع، فقول ابن القطان: وأما ضعفه فإن أم عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها فيه قصور ظاهر جدًّا لأن أم عثمان المذكورة من الصحابيات المبايعات، وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس فدعوى أنها لا يعرف حالها ظاهرة السقوط كما ترى. وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: أم عثمان بنت سفيان القرشية الشيبية العبدرية، أم بني شيبة الأكابر، كانت من المبايعات. روت عنها صفية بنت شيبة، وروى عبد الله بن مسافع عن أمه عنها. انتهى منه.
وقال ابن حجر في الإصابة: أم عثمان بنت سفيان، والدة بني شيبة الأكابر، وكانت من المبايعات. قاله أبو عمر إلى آخر كلامه، وقد أورد فيه حديثا روته عن النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة، وقد قدمناه.
وذكر ابن حجر في الإصابة عن أبي نعيم: حديثا أخرجه، وفيه: أن أم عثمان بنت سفيان هي أم بني شيبة الأكابر، وقد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب: أم عثمان بنت سفيان. ويقال: بنت أبي سفيان: هي أم ولد شيبة بن عثمان. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس. وروت عنها صفية بنت شيبة. اهـ.
ومعلوم أن الصحابة كلهم عدول بتزكية الكتاب والسنة لهم، كما أوضحناه في غير هذا الموضع، فتبين أن قول ابن القطان: إن الحديث ضعيف، لأنها لم يعلم حالها قصور منه رحمه الله كما ترى. وأما قوله: إن توثيق أبي داود لأبي يعقوب غير كاف، وأن أبا يعقوب المذكور، إن قيل: إنه إسحاق بن إبراهيم أبي إسرائيل فذاك رجل تركه الناس لسوء رأيه.
فجوابه: أن أبا يعقوب المذكور هو إسحاق بن إبراهيم واسم إبراهيم أبو إسرائيل، وقد وثقه أبو داود وأثنى عليه غير واحد من أجلاء العلماء بالرجال. وقال فيه الذهبي في الميزان: حافظ شهير قال: ووثقه يحيى بن معين، والدارقطني: وقال صالح جزرة صدوق، إلا أنه كان يقف في القرآن، ولا يقول: غير مخلوق بل يقول: كلام الله. وقال فيه أيضًا: قال عبدوس النيسابوري: كان حافظًا جدًّا لم يكن مثله أحد في الحفظ والورع وأنهم بالوقف. وقال فيه ابن حجر في تهذيب التهذيب، قال ابن معين: ثقة. وقال أيضًا: من ثقات المسلمين ما كتب حديثا قط، عن أَحد من الناس، إلا ما خطه هو في ألواحه أو كتابه. وقال أيضًا: ثقة مأمون أثبت من القواريري وأكيس، والقواريري ثقة صدوق، وليس هو مثل إسحاق، وذكر غير هذا من ثناء ابن معين عليه، وتفضيله على بعض الثقات المعروفين، ثم قال: وقال الدارقطني: ثقة.
وقال البغوي: كان ثقة مأمونًا، إلا أنه كان قليل العقل، وثناء أئمة الرجال عليه في الحفظ، والعدالة كثير مشهور وإنما نقموا عليه أنه كان يقول: القران كلام الله، ويسكت عندها ولا يقول: غير مخلقو، ومن هنا جعلوه واقفيًّا، وتكلموا في حديثه، كما قال فيه صالح جزرة: صدوق في الحديث إلا أنه يقول: القران كلام الله ويقف.
وقال الساجي: تركوه لموضع الوقف، وكان صدوقًا. وقال أحمد: إسحاق بن أبي إسرائيل واقفي مشؤوم، إلا أنه كان صاحب حديث كيسًا.
وقال السراج: سمعته يقول: هؤلاء الصبيان يقولون كلام الله غير مخلوق ألا قالوا كلام الله وسكتوا. وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين فقال: ثقة قال عثمان: لم يكن أظهر الوقف حين سألت يحيى عنه ويوم كتبنا عنه كان مستورًا وقال عبدوس النيسابوري: كان حافظًا جدًّا، ولم يكن مثله في الحفظ والورع، وكان لقي المشايخ فقيل: كان يتهم بالوقف قال: نعم اتهم وليس بمتهم. وقال مصعب الزبيري: ناظرته فقال: لم أقل على الشك، ولَكِني أسكت كما سكت القوم قبلي.
والحاصل: أنهم متفقون على ثقته، وأمانته بالنسبة إلى الحديث إلا أنهم كانوا يتهمونه بالوقف، وقد رأيت قول من نفى عنه التهمة، وقول من ناظره أنه قال له: لم أقل على الشك. ولَكِني سكت كما سكت القوم قبلي، ومعنى كلامه: أنه لا يشك في أن القران غير مخلوق، ولَكِنه يقتدي بمن لم يخض في ذلك، ولما حكى الذهبي في الميزان قول الساجي: إنهم تركوا الأخذ عنه لمكان الوقف، قال بعده ما نصه: قلت: قل من ترك الأخذ عنه. اهـ. وهو تصريح منه بأن الأكثرين على قبوله فحديثه لا يقل عن درجة الحسن، وروايته عند أبي داود الذي وثقه تعتضد بالرواية المذكورة قبلها، وقول ابن جريج فيها: بلغني عن صفية بنت شيبة تفسيره الرواية الثانية التي بين فيها ابن جريج: أن من بلغه عن صفية المذكورة: هو عبد الحميد بن جبير بن شيبة، وهو ثقة معروف.
فإن قيل: ابن جريج روى عنه بالعنعنة، وهو مدلس، والرواية بالعنعنة لا تقبل من المدلس بل لابد من تصريحه، بما يدل على السماع.
والجواب: أنا قدمنا أن مشهور مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد هو الاحتجاج بالمرسل، ومن يحتج بالمرسل يحتج بعنعنة المدلس، من باب أولى كما نبه عليه غير واحد من الأصوليين.
وقد قدمنا موضحًا مرارًا في هذا الكتاب المبارك مع اعتضاد هذه الرواية بالأخرى واعتضادها بغيرها.
قال الزيلعي في نصب الراية: بعد ذكره كلام ابن القطان في تضعيف حديث ابن عباس المذكور في تقصير النساء، وعدم حلقهن الذي ناقشنا تضعيفه له كما رأيت ما نصه: وأخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه، عن أبي بكر بن عياش، عن يعقوب بن عطاء، عن صفية بنت شيبة به، وأخرجه الدارقطني أيضًا، والبزار في مسنده، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن عبدالحميد بن جبير، عن صفية به.
قوال البزار: لا نعلمه يروي عن ابن عباس، إلا من هذا الوجه انتهى، وأخرجه الدارقطني في سننه، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر قال في المحرمة: تأخذ من شعرها قدر السبابة. انتهى، وليث هذا الظاهر أنه ابن أبي سليم، وهو ضعيف. انتهى من نصب الراية.
فتبين من جميع ما ذكر: أن حديث ابن عباس في أن على النساء المحرمات إذا أردن قضاء التفث التقصير، لا الحلق أنه لا يقل عن درجة الحسن، كما جزم النووي بأن إسناده عند أبي داود حسن وقد رأيت اعتضاده، بما ذكرنا من الروايات المتابعة له بواسطة نقل الزيلعي، عند الطبراني، والدارقطني: والبزار ويعتضد عدم حلق النساء رؤوسهن بخمسة أمور غير ما ذكرنا.
الأول: الإجماع على عدم حلقهن في الحج، ولو كان الحلق يجوز لهن لشرع في الحج.
الثاني: أحاديث جاءت بنهي النساء عن الحلق.
الثالث: أنه ليس من عملنا، ومن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد.
الرابع: أنه تشبه بالرجال، وهو حرام.
الخامس: أنه مثلة والمثلة لا تجوز. أما الإجماع، فقد قال النووي في شرح المهذب، قال ابن المنذر: أجمعوا على ألا حلق على النساء، وإنما عليهن التقصير، ويكره لهن الحلق لأنه بدعة في حقهن، وفيه مثلة.
واختلفوا في قدر ما تقصره، فقال ابن عمر والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: تقصر من كل قرن مثل الأنملة، وقال قتادة: تقصر الثلث أو الربع، وقالت حفصة بنت سيرين: إن كانت عجوزًا من القواعد أخذت نحو الربع، وإن كانت شابة فلتقلل، وقال مالك: تأخذ من جميع قرونها أقل جزء ولا يجوز من بعض القرون. انتهى محل الغرض منه، وتراه نقل عن ابن المنذر الإجماع على أن النساء: لا حلق عليهن في الحج، ولو كان الحلق يجوز لهن لأمرن به في الحج، لأن الحلق نسك على التحقيق، كما تقدم إيضاحه.
وأما الأحاديث الواردة في ذلك فسأنقلها بواسطة نقل الزيلعي، في نصب الراية لأنه جمعها فيه في محل واحد قال: فنهي النساء عن الحلق فيه أحاديث.
منها: ما رواه الترمذي في الحج، والنسائي في الزينة، قالا، حدثنا محمد بن موسى الحرشي، عن أبي داود الطيالسي، عن همام، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها» انتهى ثم رواه الترمذي، عن محمد بن بشار، عن أبي داود الطيالسي به، عن خلاس عن النبي مرسلًا، وقال: هذا حديث فيه اضطراب، وقد روي عن حماد بن سملة عن قتادة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا انتهى، وقال عبدالحق في أحكامه: هذا حديث يرويه همام عن يحيى، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي وخالفه هشام الدستوائي، وحماد بن سمله فروياه عن قتادة، عن النبي مرسلًا.
حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن معلي بن عبد الرحمن الواسطي. ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها» انتهى. قال البزار، ومعلي بن عبد الرحمن الواسطي: روى عن عبد الحميد أحاديث، لم يتابع عليها، ولا نعلم أحدًا تابعه على هذا الحديث. انتهى، ورواه ابن عدي ي الكامل، وقال: أرجو أنه لا بأس به، قال عبد الحق: وضعفه أبو حاتم وقال: إنه متروك الحديث انتهى. وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: يروي عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به، إذا تفرد حديث آخر رواه البزار في مسنده أيضًا: حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي، ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة، ثنا أبي، عن وهب بن عمير قال: سمعت عثمان يقول: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها» انتهى قال البزار: ووهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث، ولا نعلم روى عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة، وروح ليس بالقوي. انتهى كلام الزيلعي في نصب الراية.